خطبة الجمعة القادمة 14 فبراير 2025 لوزارة الأوقاف

خطبة الجمعة القادمة 14 فبراير 2025 لوزارة الأوقاف
خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف

يبحث جمهور كبير من أئمة وخطباء مساجد جمهورية مصر العربية عن خطبة الجمعة القادمة 14 فبراير 2025 لوزارة الأوقاف، والتي قد أعلنت عنها الوزارة منذ قليل عبر الموقع الرسمي للوزارة عبر الإنترنت والتي جاءت تحت عنوان “تحويل القبلة دروس وعبر”.

خطبة الجمعة القادمة 14 فبراير 2025

أعلنت وزارة الأوقاف المصرية عن عنوان خطبة الجمعة المقبلة عبر الموقع الرسمي للوزارة على الإنترنت، وقد جاء تحت عنوان “تحويل القبلة دروس وعبر”.

وذلك في محاولة نقل العبرة الأساسية من عملية تحويل القبلة التي أمر بها الله سبحانه وتعالى نبيه، ونقل هذه العبر لجمهور المسجد بطريقة سهلة وبسيطة، وننقل نص خطبة الجمعة القادمة كالتالي:

الخطبة

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، حَمْدًا يَلِيقُ بِعَظَمَةِ جَلَالِهِ وَكَمَالِ أُلُوهِيَّتِهِ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا وَبَهْجَةَ قُلُوبِنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَشَرَّفَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا أُمَّتَهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَهَذِهِ نَفحَةٌ مِنْ نَفَحَاتِ الزَّمَانِ، وَيَوْمٌ عَظِيمٌ مِنْ أَيَّامِ الله تَعَالَى، حَيْثُ غَمَرَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ نَبِيَّهُ المُكَرَّمَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِجَزِيلِ نِعَمِهِ، وَوَهَبَهُ كَرِيمَ آلَائِهِ، فَجَبَر خَاطِرَهُ، وَحَقَّقَ لَهُ رَجَاءَهُ وَمُرَادَهُ الَّذِي لَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِسَانُهُ المُشَرَّفُ، وَحَوَّلَ لَهُ القِبْلَةَ مِنْ بَيْتِ المَقْدِسِ زَادَهُ اللهُ بَرَكَةً وَكَرَامَةً إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ زَادَهُ اللهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا، فَكَانَتْ نَظْرَةُ الجَنَابِ الأَنْوَرِ إِلَى السَّمَاءِ وَتَعَلُّقُ قَلْبِهِ الشَّرِيفِ بِبَيْتِ اللهِ الحَرَامِ اسْتِجْلَابًا لِلْعَطَاءِ الرَّبَّانِيِّ وَالمَدَدِ الإِلَهِيِّ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَا حُدُودَ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلُنَوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.
أَيُّهَا النَّاسُ، اجْبُرُوا خَوَاطِرَ خَلْقِ اللهِ يَجْبُر اللهُ خَوَاطِرَكُمْ وَيُحَقِّقْ آمَالَكُمْ، وَتَحَقَّقُوا بِمَقَامِ الرِّضَا عَنْ أَفْعَالِ اللهِ بِكُمْ وَالتَّسْلِيمِ وَالإِذْعَانِ لِأَقْدَارِ اللهِ، لِتَتَلَقَّوْا أَوَامِرَ اللهِ تَعَالَى بِالقَبُولِ، وَعِيشُوا فِي مَقَامِ العُبُودِيَّةِ بِحَقٍّ كَمَا عَاشَهُ الجَنَابُ المُعَظَّمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَصَحْبُهُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، حَيْثُ يَقُولُ البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ- أَوْ قَالَ: أَخْوَالِهِ- مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللهِ، لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ».
إِنَّ هَذِهِ رِسَالَةٌ مُصْطَفَوِيَّةٌ مُوَجَّهَةٌ إِلَى النَّاسِ جَمِيعًا: كُونُوا عَلَى مُرَادِ اللهِ، لَا عَلَى مُرَادَاتِ أَنْفُسِكُمْ وَأَهْوَائِهَا، فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَصَدَقَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}، فالمُلْكُ مُلْكُهُ يُدَبِّرُهُ كَيْفَ يَشَاءُ: {للهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
أَيُّهَا الكِرَامُ، اعْلَمُوا أَنَّ تَحْوِيلَ القِبْلَةِ وَحْيٌ شَرِيفٌ، وَتَكْلِيفٌ مُنِيفٌ، تَبْرزُ فِيهِ هُوِيَّةُ هَذَا الدِّينِ، وَتَتَمَيَّزُ شَخْصِيَّتُهُ، وَتُشَيَّدُ أَرْكَانُهُ، وَتَظْهَرُ مَعَالِمُهُ، إِنَّهُ نِظَامٌ إِلَهِيٌّ مُحْكَمٌ يُرْمَزُ إِلَيْهِ بِتِلْكَ القِبْلَةِ المُعَظَّمَةِ الَّتِي ارْتَضَاَهَا اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ ونَبِيُّهِ المُكَرَّمُ صَلَواتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ لِهَذِه الأُمَّةِ العَظِيمَةِ {فَلُنَوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}.
أَيُّهَا المُكَرَّمُونَ، أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى أُمَّتَكُمْ بِالوَسَطِيَّةِ فَلَا إِفْرَاطَ وَلَا تَفْرِيطَ؟ وَزَكَّاَها بِالخَيْرِيَّةِ فَجَعَلَهَا الأُمَّةَ الخَاتَمَة المَرْحُومَةَ، وَعَظَّمَ قَدْرَهَا لِتَكُونَ فِي مَقَامِ الشَّهَادَةِ عَلَى الأُمَمِ، إِنَّهُ تَشْرِيفٌ مَا بَعْدَهُ تَشْرِيفٌ يَتَحَقَّقُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، وَيَتَأَلَّقُ فِي هَذَا التَّوْجِيهِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ الَّذِي يَسْرِي فِي الأُمَّةِ سَرَيَانَ المَاءِ فِي الوَرْدِ «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ».
وَلَا تَنْسَوْا أَنَّ شَهْرَ شَعْبَانَ فُرْصَةٌ عظيمة لِلْقُرْبِ مِنَ اللهِ الرَّحْمَنِ، وَأَنَّ رَمَضَانَ ضَيْفٌ عَزِيزٌ قَادِمٌ يَسْتَحِقُّ الاسْتِعْدَادَ وَالإِمْدَادَ، فَاجْعَلُوا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ تَحْوِيلًا لِقُلُوبِكُم إِلَى حَالِ القُرْبِ وَالإِنَابَةِ والإِقْبَالِ عَلَى اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ.

********

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ، اعْلَمُوا أَنَّ الشَّائِعَاتِ مَرَضٌ عُضَالٌُ، وَشَرٌّ مُسْتَطِيرٌ، فَكَمْ دَمَّرَتْ مِنْ بُيُوتٍْ، وَأَحْزَنَتْ مِنْ قُلُوبٍ، وَأَثارَتْ مِنْ شُكُوكٍ فِي نُفُوسِ المُطْمَئِنِّينِ، إِنَّ تَرْويجَ الشَّائِعَاتِ انْحِرَافٌ فِي التَّفْكِيرِ، وَخَلَلٌ فِي الأَخْلَاقِ، وَفَسَادٌ وَإِجْرَامٌ فِي حَقِّ الدِّينِ وَالوَطَنِ وَالمُجْتَمَعِ، وَإِثَارَةٌ لِلاضْطِرَابِ وَالفَوْضَى فِي الأُمَّةِ.
هَلْ أَتَاكُمْ نَبَأُ البَيْتِ الَّذِي خُرِّبَ وَفُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِهِ بِسَبَبِ شَائِعَةٍ؟ أَرَأَيْتُمْ عَلَاقَاتٍ أُخَوِيَّةً أُفْسِدَتْ وَوَشَائِجَ قُرْبَى قُطِّعَتْ بِسَبِب َمْنُشورٍ وَاحِدٍ عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ يُرَوِّجُ شَائِعَةً؟ أَلَا يَشْهَدُ الوَاقِعُ المُعَاصِرُ لِبُلْدَانِ عَظِيمَةٍ لَهَا جُذُورٌ فِي عَبَقِ التَّارِيخِ تَفُتُّ فِي عَضُدِهَا شَائِعَاتٌ مُرْجِفَةٌ وَطَابُورٌ خَامِس؟!
فَاحْذَرْ أَيُّهَا الُمَكَّرُم أَنْ تَكُونَ أَنْتَ مَصْدَرَ الانْطِلَاقَةِ لِشَائِعَةٍ مُغْرِضَة، لَا تَكُنْ مُرَوِّجًا لَكُلِّ مَا يُثَارُ أَمَامَكَ، وَإِلَيْكَ هَذَا المَنْهَجُ الإِلَهِيُّ {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، لِسَانُكَ جَنَّتُكَ أَوْ نَارُك، وَسَعَادَتُك أَوْ شَقَاؤُكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتَهِمِ؟!
وَيَا مُحْتَرِفِي تَرْوِيجَ الشَّائِعَاتِ أَفِيقُوا، تُوبُوا إِلى الله يَتُبْ عَلَيْكُمْ، أَلَا يَكْفِيكُمْ أَنَّ ذَنْبَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي رَقَبَةِ مَنْ أَطْلَقَ شَائِعَةً وَرَوَّجَ لَهَا؟! أَنَسِيتُمْ أَنَّ هَذِهِ الِمْحَنَةَ العَظِيمَةَ كَانَ سَبَبُهَا كَلِمَةً؟! وَلَا تَنْسَوْا! {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ}.
اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ
وَاجْعَلْهَا سِلْمًا سَلَامًا أَمْنًا أَمَانًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ