القصة السادسة
موقف الصحابة
الدين الاسلامي أمر بالنظر وذم التقليد, فجعل العقل وعاء كل شيء, وبسط لذلك الآيات البيانات المنطقية التي توغلت واستحكمت, حتي لم يجد الشيطان لذلك مدخلا, الا من ضعف ايمانه واتبع هواه وشيطانه, وقال : انا أفكر بالقبول أو الرفض لأوامر الله , أقول له ليست هذه الوجودية إنما هى الحمورية.
كان للصحابة الكرام -رضي الله عنهم – موقفا راسخا في أمر تحويل القبلة، عندما أمرهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم , بالتوجه ناحية المسجد الحرام سارعوا وامتثلوا، بل إن بعضهم لما علم بتحويل القبلة وهم في صلاتهم، تحولوا وتوجهوا إلى القبلة الجديدة، ضاربين عظيم المثل في الانقياد والتسليم المطلق لأوامر الله تعالى، وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم .
فكان تحويل القبلة اختبارا وتربية للصحابة على السمع والطاعة، والتسليم لله ورسوله، كما قال تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } حتي إذ جاءهم رجل واحد فقال: الا ان القبلة حولت ناحية البيت الحرام فتحولوا جميعا في صلاتهم.
***
القصة السابعة
موقف المرتدين
ليست القوة بالكثرة, ولكنها بقوة الايمان, ولا يظهر بريق الحديد الا بفتنة النار, ليميز الخبيث من الطيب , وما تظهر معادن القلوب والصادقين الا بالشدة والفتنة, فيبقي من يبقي ويهلك من هلك.
بعد أن حولت القبلة ارتد رجل ممن كان قد أسلم واتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وقالوا : ما بال محمد يحولنا مرة إلى هاهنا ومرة إلى هاهنا ,فكان ذلك فتنة لهم افتتنوا به ، وأنزل الله فيهم: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } .
***
القصة الثامنة
موقف المنافقين
بحث المنافقين عن أي ذريعة للطعن في الإسلام، فلما تحولت القبلة، وجدوا في ذلك فرصة لإثارة الشبهات, من وجهة نظهرهم الخبيثة, ولكن الاسلام لا يحابي انما هو مفترق طرق.
بعد أن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبل بيت المقدس ، فنسختها الكعبة , فلما وجه قبل المسجد الحرام فقال المنافقون : ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ، ثم تركوها وتوجهوا إلى غيرها ؟ فأنزل الله جل ثناؤه في المنافقين : “سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ” إلى قوله : “وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ” ، وأنزل في الآخرين الآيات بعدها .
***
القصة التاسعة
موقف اليهود
لم يكن تحول القبلة عن المسجد الاقصي عبثا, انما هي فتنة للذين في قلوبهم مرض, واقرار وتمسكا للمسجد
الأقصي أولي القبلتين , والا لكان مسجد كأي مسجد آخر عمود وجدار , ولهذا وجب على المسلمين الدفاع عن قبلتهم ونزف الدماء في سبيل ذلك الشرف.
لما حولت القبلة من الأقصى الي البيت الحرام قالت اليهود : إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ، ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن يكون هو صاحبنا الذي ننتظر!, وما كانت موادعتنا له الا أنه توجه الي قبلتنا فرجونا انا يكون نبينا المنتظر.
***
القصة العاشرة
موقف كفار قريش
تحويل القبلة بين الايمان و الجفوة والأمل, ايمان من المؤمنين الصادقين, وجفوة من المنافقين والمرتدين ,وأمل من الكفار أن يتبع المؤمنين دينهم, من بين كل ذلك نصر من الله باق.
بعد ان تحولت القبلة الي مكة حيث قريش كانت تعبد الاصنام, قال المشركون من أهل مكة : تحير على محمد دينه ، فتوجه بقبلته إليكم ، وعلم أنكم كنتم أهدى منه ، ويوشك أن يدخل في دينكم!, وما تحول القبلة الينا الا بداية الدخول في ديننا.
***
اللهم إنا تبرأنا من كل حول الا حولك, وتبرأنا من كل قوة الا قوتك, وتبرأنا من كل عزة الا عزتك , وتبرأنا من كل نصرة الا نصرتك, اللهم بحولك وقوتك وعزتك ونصرتك إلا نصرت أخوانا لنا في فلسطين مستضعفين مخذولين, أجعل اللهم ثأرهم علي عدوهم ومن ظلمهم ومن خذلهم, أنزل الثبات عليهم وتحتهم, وسخر جنودك لهم, وأرنا عجائب قدرتك في عدوهم, وعارا يلحق بهم, يري من سبعين الف سنة وعيدا لما قبلها وأدبا لما بعدها. وأحفظ علينا مصرنا الحبيبة الغالية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان, واحفظ علينا ديننا من الشبهات والشهوات.
قصص خطبة الجمعة تَحْوِيلُ القِبْلَةِ دُرُوسٌ وَعِبَرٌ